موسى جار الله بيجيف: فيلسوف، وباحث، وداعية، وشخصية عامة ودينية.
ولد في 24 سبتمبر 1874 في أسرة آخوند في قرية كيكينو بمقاطعة بنزا. تلقى تعليمه الإسلامي الأولي في أسرته، كما أمضى بعض الوقت في الدراسة في مدرسة أباناييفسك في قازان قبل إكمال دراسته في المدرسة الثانوية الحقيقية في روستوف أون دون. تابع بيجيف تعليمه في بخارى، وتعلم العربية والفارسية والفقه والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك بينما اطلع أيضا على كتابات إقليدس وفيثاغورس وأرخميدس وديكارت وبيكون. بدأ الدراسة في جامعة الأزهر في القاهرة في عام 1896 وانتقل بعد ذلك إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. سافر إلى الهند، حيث تواصل مع علماء مسلمين، وشارك في مناقشات دينية، وقضى ستة أشهر في الدراسة في الجامعة الإسلامية في ديوبنت، ثم انتقل إلى بومباي. واصل بيجيف دراسته لتاريخ القرآن الكريم بعد وصوله إلى القاهرة، ونشر أطروحته العلمية: تاريخ القرآن والمخطوطات.
عاد بيجيف إلى روسيا في عام 1904 والتحق كطالب متطوع (بدون درجة) في كلية الحقوق بجامعة سانت بطرسبرغ. بدأ حياته المهنية الصحفية في عام 1905 من خلال المشاركة في تأسيس صحيفة الألفة في سانت بطرسبرغ بالتعاون مع ر. إبراهيموف. ثم انتقل إلى قازان، حيث نشر عددا من الأعمال، منها إلزامية الاختيارية، والأدب العربي، والعلوم الإسلامية، والتي انتقد فيها كتب العقيدة والفقه المستخدمة في المدارس، واقترح اللجوء إلى أوفر المصادر في الأدب والفلسفة والتراث الديني الإسلامي. أثار بيجيف مسألة تصحيح الأخطاء المطبعية في طبعات قازان من القرآن في بداية عام 1909. وتم إنشاء لجنة خاصة بذلك وقد عثرت على أخطاء مماثلة في طبعات اسطنبول والقاهرة والمنشورات الهندية ووجهت نداء خاصا إلى العلماء المسلمين الأجانب.
قام بيجيف بتدريس تاريخ الدين وعلم النفس وتاريخ اللغة العربية والفقه في المدرسة الحسينية منذ عام 1909، نشر بين الشاكيرديين أفكار المفكرين المسلمين في العصور الوسطى حول شمولية رحمة الله عز وجل.
واستخرج من القرآن والسنة حجا وأدلة أثبت بها محدودية زمن الجحيم ورحمة الله الشاملة التي ستمنح الخلاص للناس أجمعين، بما في ذلك الوثنيين. نشر بيجيف محاضراته في مجلة الشورى.
زار بيجيف فنلندا في عام 1910، وبناء على صورة غروب الشمس التي رآها، ألف كتابه بعنوان الصيام في الأيام الطويلة، والذي جادل فيه باستخدام المنطق القرآني بأن الصيام خلال شهر رمضان غير إلزامي للمسلمين المقيمين في خطوط العرض الشمالية ويمكن استبداله بدفع فدية. جادل بأن آدم هو المذنب فيما يسمى بالخطيئة الأولى وليس حواء، وأن المرأة لم تخلق حرفيا من ضلع آدم، بل هذا مجرد تعبير مجازي يكشف عن طبيعتها الرقيقة والهشة. عمل بيجيف خلال نفس السنوات نيابة عن رضا فخر الدين على مشروع مجلة خاصة عن الشريعة الإسلامية، والذي نتج عنه ظهور كتاب قواعد الفقه. رتب في عام 1912 لنشر ترجمة تترية للقرآن، لكن مرسوم من المفتي حظر نشرها.
أسفرت البحوث النظرية التي أجراها بيجيف عن كتاب بعنوان المرأة في ضوء الآيات القرآنية (برلين، 1933)، وهو بمثابة أول فتوى في العالم مكرسة بالكامل لقضية المرأة. آخر عمل لبيجيف ينشر في روسيا كان كتاب فقه القرآن. يعد بيجيف أحد منظمي حزب اتفاق المسلمين. شارك ابتداء من عشرينات القرن 20 في جميع المنتديات الإسلامية الهامة. نشر في عام 1923 في برلين كتابه الشهير: إلى الأمم الإسلامية، والذي انتقد فيه الماركسية بشدة، وأثبت عدائها للإسلام والمسلمين، وهو ما أدى إلى سجن بيجيف، ولم يفرج عنه إلا تحت ضغط دولي. عاش خارج البلاد بعد عام 1930، حيث واصل نشاطه العلمي، وكتب عددا كبيرا من الأعمال حول مختلف جوانب الإسلام. كرس بيجيف حياته كلها لإحياء القيم الأساسية للإسلام وعاش وفقا لمبدأ تنظيم الحياة وفقا لها. توفي بيجيف في 28 أكتوبر 1949 في القاهرة.